کد مطلب:353458 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:417

دروس من معرکة القعقاع
د. حسن بن فرحان المالكی صحیفة الریاض - 17 ربیع الاول - 1418 ه كـل الـحیاة ملیئة بالدروس والعبر، ومن محاسن هذه العبر وخصائصها الحسنة انها لا تقتصر علی الـخـیـر او الـشر، بل لا یكاد العاقل یری حدثا او یسمع خبرااو یقرا فكرة الا وجد فی ذلك من الدروس ما یضیفه الی ما یماثله مما سجله خاطر او سطره قلم او سنح به فكر.

وعـلـی هـذا یجب ان نعلم ان الشر لا یخلو من فائدة ولو للعبرة. كما لایجوز ان نظن ان الخیر لن یـصـاحـبـه شر ولا ان الحق لن ینازعه باطل، فهذه من سنن اللّه فی الحیاة مزجها لتتكامل منظومة الحیاة (وبضدها تتمیز الاشیاء).

لـهـذا كـله فانا ارغب الا تنجلی (معركة الحوار حول القعقاع بن عمرو) التی دارت عبر الاسابیع الماضیة الا ونسجل منها بعض الفوائد والدروس والعبر، هذه العبر التی نرید من القارئ ان یتذكرها عندما تتشابه (المعارك) وانـا لا ازعـم اننی ستی علی جل الفوائد فضلا عن كلها اضافة الی ان غیری قدیدرك اشیاء اعمق وفـوائد اقـوی مـمـا اذكـره هنا، لكن هذا تذكیر منی لنفسی ولاخوانی القراء بان نستفید من هذه (الـمعارك الـنـاس مـن الـنـاحـیـة الـعـلـمـیـة ونـعرف طریقتهم فی عرض الافكار، وطریقتهم فی اخفاء الـحقائق،ومحاربتها ایضا الا من نسیاننا لهذه الدروس والعبر التی تساعدنا فی تفسیر بعض الماضی وفهم اكثر المستقبل امـا الان فـساحاول ان اسجل ما اراه من ابرز الفوائد والوقفات والنصائح ایضا یعشق الحقیقة فقط ولعل من ابرز الوقفات التی یجب ان یعلمها محبو الحقیقة ما یلی: اولا: الحقیقة والوضع السائد یـجب ان نعلم ان هناك فرقا كبیرا بین من یكتب للحقیقة وحدها ومن یكتب لارضاء الناس من الزملاء والاصـدقـاء والاسـاتـذة والـتلامیذ للنصوص والعقول فی كثیر من الامور العلمیة وانمایراعی البراهین والادلة العلمیة. او التی یراها علمیة وقد یخطئ ایضا لكنه واضح الموقف لا یـغش ولا یدلس ولا یتلون، ولا یستغفل القارئ، ولا یطلی الباطل بطلاء الحق، ولا ینتظر الثناء من احد او عتابه، كما لا ینتظر موافقة احداو معارضته وینشرها بین الناس ویتعب فی محاولة ایصالها مفهومة واضحة الی اكبر عدد ممكن من المهتمین.

هـذا الناشد للحقیقة كان بامكانه ان یكتب ما لا یثیر راكدا، ولا یخالف سائدا،ولا یجلب ضررا، لكنه یـری ان نـشـر الـحـقیقة مع ما یصاحبها من اذی، خیر من كتمان العلم ذلك الكتمان الذی یساهم فی (تشكیل) عقل القارئ لیكون (امعة) ان احسن الناس القول احسنه، وان اساؤوا القول اساءه، وبالتالی یـسـاهم ایضا فی (تاسیس الجهل العلمی الـعـلـم والتحقیق تجعل القارئ یظن ان الجهل علم عظیم التی تمشی علی اربع فتسبق الحی الذی یمشی علی رجلین ثانیا: الاكثریة لیست مقیاسا یـردد بـعض الناس (اكثر الناس علی هذا...) او (اكثر الناس یعارضون هذا الامر...) ومع ان هذا الـحـكـم یحتاج لدراسة الا انه لیس من معاییر الحق ان تتبناه الاكثریة الصحة، ولیس هناك دلیل شرعی ولاعقلی علی هذا.

بل ان اللّه عزوجل اخبرنا فی كتابه بان (اكثر الناس لا یعلمون) و(اكثرهم لایعقلون) و (اكثرهم یجهلون) و (اكثرهم للحق كارهون) التوالی كالتالی الروم (30)، المائدة (5)،الانعا م (6)، المؤمنون (23)، یونس (10).

اذن فالاكثریة لیست مقیاسا صحیحا للحق، ولذلك نجد اكثر الناس كفارا،واكثر المسلمین مقلدین او جـهلة، واكثر المقلدین متعصبین، وهكذا تنتقل الاكثریة المخطئة بارتیاح - من وسط الی وسط ومـن زمـن الـی زمـن اخری،فلا تخلو الاكثریة من رفض لحق، ولا تمسك بباطل، وواجبنا ان نقلص هذاالباطل، ونوسع هذا الحق. اما الذی لا یعترف الا بشرعیة آراء الاكثریة فهومخالف لنصوص القرآن الكریم كما ان الـذی لا یشعر بتعصب الاكثریة او ظلمهافقد یكون من الاكثریة نفسها یشعر بالسحر فلذلك لن یشعر الفرد من الاكثریة باخطائها ولا امراضها العلمیة ولو نظرتم للتاریخ لوجدتم ان (الاكثریة) هی التی حاربت الرسل والمصلحین.

والـخلاصة هنا: ان العبرة فی النواحی العلمیة لیست بالاغلبیة ولابالاقلیة، وانمابالدلیل والبرهان.

واذا نـظرنا لموضوع القعقاع مثلا فلا یجوز لمن یحتج بالاكثریة علی (وجود القعقاع) ویزعم ان (اكـثـر) اصـحـاب التراجم ذكروه فی كتبهم تكونت عندكم هذه الاكثریة بن عمربقرون اذا كـان ولا بد من الاحتجاج بالاكثریة، فهل الافضل ان نحتج باكثریة (القرون الفاضلة)، ام نحتج باكثریة (القرون المتاخرة والمعاصرة) انـه لـم یذكره احد منهم بحرف، سوی سیف بن عمر بذاته لانه سبق البحث فیه.

ثالثا - الدلیل وحده لا یكفی مـن الخطا ما كنا نظنه ایام الدراسة قبول الناس للحق بـلا معونة احد لایتقبلها اكثرالناس اذا تصادمت مع ظنونهم واحكامهم المسبقة بـالانصیاع والخضوع للادلة الـتـاویل او دعوی المعارضة لادلة اخری الهجوم علی صاحب الدلیل، والطعن فی علمه او تخصصه او عقیدته او نیته... الخ وهـذه (المعاول) فی هدم الاراء الصحیحة لیست حدیثة العهد بل هی اسالیب متبعة فی محاربة الحق عـلـی مـر الـتاریخ الحقیقة مفروش بالورود مادام انه یمتلك الدلیل فهذا كلام نظری یحسن بنا ان نحفظه كثقافة فقط لـكـن عند التطبیق انت بحاجة الی اشیاء كثیرة غیر الادلة والبراهین ولعل من ذلك حاجتك لمعرفة الـنـاس بـك بـسـیـل مـن الاتـهامات والطعون لسبب واحد فقط وهو انه (لا یعرفك كلامك او ینظر فی الادلة او یحاول فهمك اذن عـلـی الـباحث عن الحقیقة ان یعلم ان التعصب بامكانه ان یقود العلم للخضوع امام الجهل الـیـقین سیخضع للظن ایضا، الا اذا وفق اللّه وفتح من عنده. لكن مع هذا كله یجب الا نیاس فكم من مـسـتـقـبـل وجـد فـی بعض الماضی ضالته، وكم من لاحق استفاد من سابق عن الحقیقة ویجدها عندك او عند غیرك.

الخلاصة هنا: انه یجب الا یظن صاحب الحق او الباحث عنه ان الطریق میسرلادلته، كلا فهذا كان حلما جمیلا شوهته حقائق الیقظة واوجعته دروس التاریخ رابعا: اصلاح الجلیس مـن واجـب الـمسلم ان یصلح جلیسه، وان یرد علیه الباطل برفق ویاخذ منه الحق متی وجده. ولو اصـلـحـنـا جـلساءنا واصلحونا لحصلنا علی الاجر والعلم،مع ما فی هذا (الاصلاح) من بحث عن الـمـعـرفة، وتطبیق للحوار، وتلمس للضوابط والمعاییر الصحیحة فی اصدار الاحكام علی افكار الاخرین.

فـاذا سمعت احد جلسائك یزعم ان فلانا من الناس (سیی ء النیة، جاهل.. الخ)فالواجب علیك من باب العلم بالشی ء ومن باب التحری والتثبت ان تساله عن ادلته علی ما ذ كر فـان قال لك: دلیلی الكتاب الفلانی او المقالات التی ینشرها فلاتستعجل واساله: هل قرا تلك الكتب اوتلك المقالات فـسیجیبك بجواب من ثلاثة: اما ان یقول: لم اقراها ولكن سمعت الناس یقول: قرئت علی نماذج منها و اذا كـان بـعـض الصحابة و هو الولید بن عقبة قد نقل للرسول صلی اللّه علیه وسلم خبرا باطلا مـشـوها حتی نزل فی ذلك القران الكریم فمن باب اولی ان بعضنا - علی ضعفنا واهوائنا - قد ینقل اخباراباطلة وتشویهات متعمدة او غیر متعمدة.

فان اقتنع بهذه (النظریات) فیمكنك بعد هذا ان تطلب منه ان یطلب من اولئك الناقلین - (تجار الغیبة والـنـمـیمة) - ان یزودوه بالاصول التی زعموا ان فیها (سوءنیة وجهلا وخبثا وابتداعا..

اطـلب منه ان یقراها بتجرد، ثم لیحكم بعدذلك یسال ویبحث عنهافان استفرغ الجهد والعلم وتجردت نیته للحق فسیؤجر علی حكمه - ان شاءاللّه - ولو كان مخطئا.

اما ان اجابك بقوله: نعم انا قرات ذلك المقال وذلك الكتاب فوجدت ما یدل علی اتهامی له عـندئذ اطلب منه وبكثیر من الرجاء والـخبث و... الخ ثم تناقش معه فی شروط الفهم ومعاییر العدل فی الحكم ان كان یعرفها مـنه ان یقرا مرة اخری وثالثة لیتاكد من ادلته. ثم اساله (هل یدین اللّه بحكمه ذلك ام لا نـعم -وقد یقولها عزة بالاثم بـسـبـب اجـتهاده وقد یكون آثما لانه لم یستفرغ جهده فی معرفة (الادوات) المعینة علی اصدار الحكم الصحیح المتطابق مع الواقع.

اما الحالة الثالثة - وهو ان یقول ان بعض الناس قرا علیه (نماذج لان الذی یختار له (نماذج مفصولة) عما قبلها وما بعدها اذن اطـلب منه القراءة للكلام كله ثم اتبع معه الطریقة التی اتبعها مع الحالة الثانیة، وبهذاتستطیع ان تصلح جلیسك ولو كان افضل منك واعلم وبهذا تكسب الاجروتتعلم كیف تصل الی الحقیقة بعینها كما تستطیع ان تعلم جلیسك الشی ءنفسه.

خامسا: الناس والقعقاع بعد المعركة ظهر لنا ان الناس فی القعقاع علی ثلاثة اصناف: - منهم من ینفی وجود القعقاع مطلقا - ومنهم من یثبت وجوده ودوره كاملا بكل التضخیمات والتهویلات - ومنهم من یتوسط فیری ان سیف بن عمر بالغ فی دور القعقاع بن عمرو ذلك الدور الذی لم یذكره غیره وفـی ظـنـی ان الـصـنـف الاول والثالث متقاربان جدا ویمكن ان یتفقا اذا عرفا منهج سیف بن عمر بالتفصیل امـا الـصـنف الثانی........... روایات سیف سیرونها فی اعداد قادمة، لیعرفوا حقیقة روایات سیف بن عمر یـری نـمـاذج مـن روایات سیف بعینه فسیختار لنفسه صحیحة ام انهاكانت منصبة علی (احادیثه) فقط دون روایاته ولا ریـب ان الاخ عـبـد الباسط المدخلی كان محظوظا من كثرة التعقیبات التی كفته المؤونة تاكیدی المتكرر بان الاخ عبد الباسط او الاخ الفقیهی او كل من اختلفت معهم هم اخوة فضلاء لا اكن لـهـم الا كـل خـیـر لكنه یؤرقنی ان اری الحقائق محرفة باجتهاد وحسن نیة ام بجهل الحقائق.